غرائز بشريه
نتنفس، نأكل، نجمع، ونتكاثر… وقد نعبد. نعيش في دوامة من الرغبات والشهوات لا تنتهي. ننظر للغد ولا نستشعر اليوم، سرابٌ نجري خلفه باحثين عن معنى للحياة، وكلما وصلنا، لا نصل. نظن أن في الامتلاك طمأنينة، وفي المتعة راحة، وفي النجاح خلاص، لكننا ننسى أن الفراغ لا يُملأ بشيء خارجي. نُشبع الجسد، لكن الروح تزداد جوعًا. نُراكم الإنجازات، لكن قلوبنا تظل عطشى لسلام لا نعرف من أين يأتي. نهرب من فكرة الموت، كأننا نعيش للأبد. نحيط أنفسنا بالضجيج، بالأصدقاء، بالعلاقات، بالحب، ونقنع أنفسنا أن دفء الآخر يحمينا من برد الفناء. نظن أن قلبًا يُحبنا يكفينا، أن ضحكة عابرة تؤجل النهاية، أن حضنًا نعود إليه يجعل الموت يبدو بعيدًا… لكنه أقرب مما نظن. نعيش حياة كاملة، فقط كي ننسى أن النهاية حتم لا مهرب منه. نكذب على أنفسنا بعبارات الأمل، نغني عن الخلود، ونبني علاقاتنا وكأنها قلاع لا تهدمها السنوات، لكن كل شيء هش، وكل شيء زائل، حتى الحب. غرائز بشرية، نعيش ونعلم أننا سنموت، ومع ذلك نتمسك بالحياة كأنها الأبد. ربما لا نبحث عن النجاة، بل عن وهمٍ جميل يجعل الرحلة أقل وحدة، وأقل خوفًا.